الأربعاء، 28 نوفمبر 2007

ابراهيم عيسي يكتب......سيكوباتى

ما هو شعور السيد الرئيس حين يقولون له أن هناك مواطنا تم تعذيبه فى قسم أو سجن أو معتقل ؟
الإجابة لا أعرف لأننى لا أعتقد أن أحدا يقول للرئيس مثل هذا الكلام الذى يحرق الدم ، بل أفضل صياغة ممكنة يقولها وزير الداخلية للرئيس أن هذه افتراءات من بعض المورتورين الحقدة على جهاز الشرطة حامى حمى مصر لمايقوم به من دور عظيم فى تامين البلد يا سيادة الرئيس ، والمؤكد على مدى كل هذه السنوات التى حكمنا فيها الرئيس مبارك أنه لم يشر تلميحا أو تصريحا أنه ضد التعذيب أو أنه يعرف بحوادثه أو أنه غضب او تغاضب على وزيره للداخلية وقال له مثلا أن من يعذب مصريا كمن عذب الناس جميعا ، أبدا سياسة نظام مبارك تعتمد على انكار التعذيب ، ثم اتهام المبلغين عنه أو ضحاياه بأنهم كذبة وحقدة ، أو التعامل مع التعذيب باعتباره عملا فرديا شخصيا نادرا لا داعى لتكبيره ولا للنفخ فيه ، والبعض يرى فى التعذيب ضرورة لنزع الاعترافات وأنه لا مشكلة فى تعذيب مواطن طالما سيمنع هذا حادثا إرهابيا أو إجراميا ،
السؤال ينتقل هذه المرة إلى وزير الداخلية ، بم يشعر أمام حالات التعذيب ؟
الإجابة ولا أى حاجة ، فهو يعتبرها محدودة وشخصية أو هو يريد أن يعتبرها محدودة وليست منهجا منظما وأسلوبا فى دم وعروق الداخلية المصرية التى صارت تتعامل مع المواطن باستهانة ثم بعدوان ثم باحتقار ، مصر كلها منذ سنوات طويلة تتفادى الدخول لأى قسم شرطة والناس تتهرب من الإدلاء بالشهادة أو الإبلاغ ف القسم لأنها بهدلة وقلة قيمة ، وهى البهدلة التى صارت تطارد المواطنيين من خلال الكمائن الغريبة والموضوعة لبث الذعر والرخامة وتقل الدم على الركاب والسائقين ولن أحدثك عن امتهان الكرامة فى حوادث إرهاب الشرطة ضد المواطنيين فمن المؤكد أنك تملك عشرات القصص سواء عنك شخصيا أو أقاربك أو جيرانك ، لا يسأل وزير الداخلية نفسه أبدا لماذا يكرهنى الناس ؟ أو لماذا يكره المواطنون الشرطة رغم أن بها أخواتنا وأهلنا وجيراننا ؟ لماذا يعادى المواطن هذا الجهاز رغم أن كثيرا من العائلات تسعى لان يكون إبنها جزءا من هذا الجهاز فالمواطن يريد درعا يحميه من الشرطة وياحبذا لو من داخلها وياسلام لو إبنه ، ثم هو يتمنى كفيلا له يدرء عنه مصائب ورذائل الشرطة التى لا يأمنها أبدا وهذا يفسر السعى الرهيب من أجل مقعد فى كلية الشرطة ولن أفيض فى الوسائل المتبعة لأجل ذلك فانت بالقطع تعرف ما المطلوب منك غير الواسطة كى يدخل إبنك كلية الشرطة ، سأعود لأسئلتى السخيفة وأضيف سؤالا لماذا لا نرى أحدا (مجلس الشعب مثلا ) يردع الشرطة وتجاوزاتها أو على الأقل يعترف بهذه التجاوزات التى صارت منهجا وعادة وطبعا ونهجا يوميا ؟ الإجابة لأنها محمية سياسيا من الرئيس والرئيس محمى نظاما وشخصا من الشرطة والشرطة تحولت من وزارة للشعب إلى وزارة للرئيس والأمن بات أمنا للدولة وليس أمنا للمواطن وأخفت الداخلية منذ سنوات كذلك تقارير مصلحة الأمن العام عن أعداد وأرقام حوادث السرقة والقتل والاغتصاب والنصب وغيرها فالأمن الجنائى فى البلد فى أحط مستوى له منذ حقب طويلة ،ومن العبث الكلام عن آمان الشارع المصرى وهذه الأبقاق الحمضانة التى يظهر كل يوم تفاهتهاو هشاشتها ، لكن يبقى كل هذا كوم وانتهاك الضابط او أمين الشرطة أو المخبر لآدمية المواطن المصرى كوم آخر ، من أين جاءت هذه القسوة وتلك الفظاظة ؟، كيف نزع رجال الشرطة قلوبهم ، من حول هؤلاء إلى وحوش تنهش فى لحم بنى وطنهم ، سأعود إلى عالمى الأثير دكتور محمد المهدى أستاذ الطب النفسى ولدراسته عن سيكولوجية التعذيب التى تبدأ بحقيقة مدهشة هى انه لم يعرف الكون التعذيب في المخلوقات الأخرى، حتى الحيوانات المفترسة حين تتقاتل فإنها تفعل ذلك من أجل الحصول على الطعام أو حماية أنثاها وذريتها، وهي تكف عن القتال حين يتحقق الشبع ويتحقق الأمان، ولم يعرف عنها ممارستها للتعذيب والاستمتاع به والتفنن فيه كما يفعل البشر.
إذن فالتعذيب صناعة بشرية يمارسه فئة من الناس يتسمون باضطرابات في الشخصية، تجعلهم قادرين على تجاوز الحدود المعروفة للرحمة والشفقة والعدل واحترام قدسية الحياة وكرامة الإنسان.
ثم يمضى دكتور المهدى ليعرى الخصائص النفسية للمعذِّبين،فالمعذِّبون ( بكسر الذال) إما أن يقوموا بذلك بشكل غير مباشر وهو إعطاء الأوامر أو إعطاء الضوء الأخضر أو التغاضي أو التعامي وهؤلاء يمثلون أحيانا قمة الهرم السياسي أو العسكري وغالبا يفلتون من المسئولية لأنهم عادة يكونون على قدر من الحيطة والحذر بحيث لا يسهل وقوعهم تحت المساءلة أو أنهم يدوسون القانون (كما يدوسون آدمية الإنسان) تحت أقدامهم، وإما أن يقوموا به بشكل مباشر وهؤلاء هم المنفذون للتعذيب وغالبا ما يكونون جنودا أو ضباط صف أو ضباط صغار، وقد يقدمون ككبش فداء إذا انكشفت فضائح التعذيب. ثم يشرح لنا دكتور محمد المهدى الخصائص المعذِّبين النفسية فنجدها كالتالي:
السادية: وهي تعني استمتاع الشخص برؤية الآخرين وهم يتألمون وحصوله على نشوة نفسية (وأحيانا جنسية) من القيام بتعذيب الآخرين، وهذه الصفة قد تكون في الآمرين بالتعذيب أو المنفذين له.
ثم المسايرة: هذه الصفة قد تكون مستغرَبةً ومتناقضةً مع الصفة السابقة، ولكنها ضرورية جدا لمن يقومون بالتعذيب، فهم يستجيبون لأوامر رؤسائهم استجابة تتسم بالاستلاب والخضوع والمسايرة، ولا يناقشون هذه الأوامر ولا يعرضونها على عقل واع أو ضمير حي، فهم في هذه الحالة يطيعون رؤساءهم طاعة عمياء وينفذون أوامرهم في التعذيب دون بصيرة، وغالبا ما يكون هؤلاء المسايرون المنفذون من أصحاب الذكاء المحدود والثقافة الضحلة أو المنعدمة، ومن الذين يسهل إقناعهم واستهوائهم والإيحاء لهم بأن ما يفعلونه فيه مصلحة للبلد أو للبشرية أو لقضية ما.
وهم كذلك من نوعية الشخصية السيكوباتية( المستهينة بالمجتمع) وهي شخصية مضادة للمجتمع لا تحترم قوانينه ولا قيمه ولا أعرافه، وهي شخصية عدوانية لا تعرف الإحساس بالذنب أو الندم ولا تتعلم من تجاربها السابقة ولا تعرف الشفقة أو الرحمة أو العدل أو الكرامة، وكل ما يهم هذه الشخصية هو تحقيق أكبر قدر من اللذة حتى لو كانت هذه اللذة مبنية على أكبر قدر من الألم الذي يصيب الآخرين.
والسيكوباتي كما يقول د. المهدى ليس بالضرورة لصا بل أحيانا تجد هذه الصفات في رؤساء أعتى الدول وفي مسئولين كبار، وفي هذه الحالة نجد الصفات السيكوباتية مغلفة بقناع من الدبلوماسية والنعومة ولهذا يطلق على هذا النوع وصف (السيكوباتي المهذب) وهو أخطر من السيكوباتي العنيف الظاهر
ومنهم كذلك الشخصية البارانوية ( الزورانية ) وهي شخصية متعالية متغطرسة ترى في الجميع أعداءً لها، وتتوقع النوايا السيئة والأفعال السيئة من الناس، لذلك فهي تتسم بسوء الظن وتلجأ إلى العدوان الاستباقي أو الوقائي وتبرر هذا العدوان بأنه لحماية نفسها أو غيرها من الإرهاب أو الأذى المتوقع من الغير (الأشرار دائما في نظرها)، وهذه الشخصية تحتقر الآخر وتسحقه إذا استطاعت وبالتالي فلن ترعى له حرمة أو كرامة ولن تأخذها الرحمة أو الشفقة بها لأنها تعتبر الجميع شياطين أو حشرات صغيرة تستحق السحق والتعذيب والإذلال.
....أعد قراءة المواصفات التى شرحها لنا دكتور محمد المهدى لتعرف بالضبط من الذين أعتقد أنهم فى حاجة فورية للذهاب الى عيادة نفسية بعد أن يقدموا ورقة بيضاء بها أجازتهم أو استقالتهم...حسب ما يتوفر فيهم من بقايا دم فى عروقهم !

ليست هناك تعليقات: